من أشراط الساعة الصغرى: أن يرفع العلم، وأن يثبت الجهل، وأن يشرب الخمر، وأن يظهر الزنا، من ذلك أيضاً: عن طارق بن شهاب قال: كنا عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فجاء رجل فقال: قد أقيمت الصلاة، فقام وقمنا معه، فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعاً في مقدم المسجد، فكبر وركع وركعنا، ثم ذكر: أنه مر رجل مسرعاً، فقال: عليك السلام يا أبا عبد الرحمن، يعني: هم دخلوا للصلاة، وهذا الذي مر على الجميع قال: عليك السلام يا أبا عبد الرحمن.
وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا القول: عليك السلام يا فلان، قال صلى الله عليه وسلم:(عليك السلام تحية الموتى، إنما تقول: السلام عليكم).
فـ ابن مسعود كان في الصلاة، ومعلوم أنه إذا سلم الإنسان على إنسان يصلي، فإنَّ المصلين لن يردوا عليه السلام، ولكن يرد بيده إذا كان يرفع يده ويرفع إصبعه، ينبه أن سمع السلام ويكفي، وكان ابن مسعود في الصلاة، فقال: صدق رسول الله، أو كان لم يدخل في الصلاة فقال ذلك، والله أعلم، لكن الغرض: أنه رفع صوته بذلك، قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما انتهى ابن مسعود من الصلاة ورجع سألوه عن سبب قوله: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة) يعني: من علامات الساعة: مجموعة من الناس موجودون، فيسلم المار على أحدهم، وبقية الناس لا قيمة لهم.
ومن علامات الساعة أن يظهر جهل الناس، ويسلم على واحد فقط، فأنت إذا أردت السلام على واحدٍ بين قوم، تسلم على الجميع، فإن الله سبحانه وتعالى يقول:{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ}[النور:٦١] أي: يُسلم بعضكم على بعض، فلا تنتقي واحداً وتسلم على الذي تعرفه فقط، والباقي لا تسلم عليهم، فـ ابن مسعود يقول: صدق رسول الله، يعني: حدث هذا في عهده رضي الله تعالى عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة) يعني: الإنسان يسلم على الذي يعرفه فقط، أما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يسلمون على الجميع، مثل عبد الله بن عمر رضي الله عنه، كان يخرج إلى السوق ومعه جماعة من الناس، ولا يريد أن يبيع ولا يريد أن يشتري ولكن ليسلم على الناس فقط، ثمَّ يرجع إلى البيت.
وإذا خرج الإنسان إلى السوق وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، يأخذ ألف ألف حسنة على هذه الكلمة التي يقولها، يعني: مليون حسنة على هذه الكلمة! فالإنسان المؤمن يفكر كيف يأخذ الثواب من الله عز وجل، وكيف يعمل العمل الذي يؤجر عليه الأجر العظيم، أما أنه يسلم على واحد فقط من بين الناس، فهذا لا ينبغي.
إن تسليم الخاصة يجعل العداوة والبغضاء في قلوب الناس، فبتسليمه كسب عداوة الباقين، فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم المؤمنين، ويقول:(افش السلام على من عرفت ومن لم تعرف) أي: سلم على الجميع على من عرفت وعلى من لم تعرف.