[تفسير قوله تعالى:(قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)]
قال الله تعالى:{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}[سبأ:٤٩] أي: جاء القرآن العظيم من عند ربنا، جاء الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه بالحق من عند الله سبحانه، قل يا محمد: جاء الحق الذي يعادي الباطل، والله سبحانه حق وكتابه حق ورسوله حق، ولذلك ورد في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والساعة حق، والجنة حق، والنار حق) فهنا كل هذه الأشياء أثبتها الله سبحانه فهي الحق، وكل ما يقوله الله عز وجل فهو الحق.
قوله:((قُلْ جَاءَ الْحَقُّ)) أي: من عند الله سبحانه ((وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)) قال المفسرون: الباطل المقصود به في هذه الآية الشيطان، فالله عز وجل أتانا من عنده بهذا الكتاب العظيم، والشيطان يلقي في النفوس التكذيب والعناد والاستكبار والبعد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والكفر بما جاء به، وهذا الباطل الذي اتبعتموه من دون الله هو الشيطان، فهل هذا الشيطان يخلق شيئاً؟ وهل يقدر على إعادة هذا الشيء؟ ((مَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)) أي: لا يقدر أن يبدأ خلقاً ولا يقدر على إعادة خلق؛ لأنه عاجز ولا يملك شيئاً، وإنما الله هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده سبحانه وتعالى، فخلق الإنسان من عدم من لا شيء من تراب من ماء، وأوجد هذا الإنسان ثم يميته ويفنيه سبحانه وتعالى، ثم يعيده مرة ثانية.
أما ما يعبدون من دون الله كالشيطان والأصنام والهوى وغير ذلك من عبادة غير الله سبحانه، فهل هذه المعبودات تقدر على أن تبدأ خلقاً؟ لا تقدر، وقد بدأ الله الخلق ثم أفناه، فهل تقدر هذه الأشياء على إعادته؟ مستحيل، لا الشيطان يقدر ولا هذه المعبودات من دون الله عز وجل تقدر؛ لأن كل هذه الأشياء من الباطل وقد قال الله:((وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ)).