قال تعالى:{لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج:٣٤]، {فَكُلُوا مِنْهَا}[الحج:٢٨]، قلنا: إن الأمر فيه على الندب، {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:٢٨].
وهنا يذكر الإمام القرطبي: أن دماء الكفارات لا يأكل منها أصحابها، فإذا فرضنا أن إنساناً عليه كفارة نذر مثلاً فذبح هذا الشيء الذي نذره ثم وزعه على الفقراء، وبعد ذلك أكل منها هو، فهنا لا يجوز له أن يأكل منها، فإن أكل منها لزمه أن يشتري لحمة بالقدر الذي أكله ليخرجه للفقراء والمساكين، وهذه مسألة يكثر السؤال عنها، فنقول: إذا نذر بشيء فذبح فلا يجوز أن يأكل منه.
لكن قد ينذر الإنسان بأضحية لله، كأن يقول: عليّ نذر أن أذبح أضحية لله تعالى، والأضحية ليست واجبة على الصحيح من كلام أهل العلم، لكن إذا نذرها الإنسان صارت واجبة الذبح، ولكنها لا تزال أضحية في الحكم فيجوز له أن يأكل منها، وأن يهدي منها، وأن يخرج للفقراء، ويكون توزيعها بهذه الصورة، فكونه ألزم نفسه بالنذر لا يخرجها عن كونها أضحية، ومثلها مثل هدي التمتع، فهدي التمتع واجب على الإنسان الذي يتمتع من العمرة إلى الحج، ومع ذلك يجوز له أن يأكل منه، فكونه واجباً لا يمنعه أن يأكل منه سواء من هدي القران أو من هدي التمتع.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من هدي القران، وأن الصحابة أكلوا من هدي التمتع.