ذكر سبحانه وتعالى أن الله أيد موسى بتسع آيات بينات من عنده سبحانه، منها: اليد والعصا، فهما آيتان من عند الله سبحانه.
وكذلك قال تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ}[الأعراف:١٣٣]، فهذه خمس آيات من الله سبحانه وتعالى لهؤلاء القوم.
ثم بعد ذلك قال:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}[الأعراف:١٣٠] آيتان أخريان، فالجملة تسع آيات من عند الله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه أخذهم بالقحط وعدم المطر وقلة المياه وعدم الثمرات، {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف:١٣٠].
فهرعوا إلى موسى وطلبوا منه أن يدعو الله سبحانه وتعالى لعله يكشف عنهم فيؤمنوا، فكشف عنهم فلم يؤمنوا، فأرسل عليهم الطوفان، فهم لما نقص الماء استجاروا، فإذا بالله يرسل عليهم الماء شديداً عليهم، فيجأرون ويلجئون إلى موسى أن يكشف عنهم، فيدعو ربه فيكشف عنهم، فيرجعون إلى الكفر ولا يؤمنون، فأرسل عليهم الجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، فإذا بهم يرون هذه الآيات، آية وراء آية تملأ بيوتهم وأراضيهم فيفزعون إلى موسى، أكل الجراد ثمارهم، فإذا بهم يجأرون إلى موسى ويقولون: ادع ربك يكشف عنا هذا، ونؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل، فلما كشف عنهم الجراد الذي أكل زروعهم فإذا بهم لا يؤمنون، ويرجعون إلى تكذيبهم وإلى عادتهم الأولى، فإذا بالله سبحانه وتعالى يرسل عليهم الضفادع فملأت بيوتهم، فإذا بهم يستغيثون بموسى، فكشف الله عز وجل عنهم فكذبوه، فأرسل عليهم الدم في طعامهم وفي مياههم حتى كان الشيء أمامهم يجدونه مليئاً بالدم، فإذا بهم يستغيثون بموسى فيكشف عنهم، ومع ذلك لم يعتبر هؤلاء القوم، والله عز وجل له حكمة في أن يؤخر عذابهم حتى إذا أهلكهم، رأى الناس كيف يأخذ الله عز وجل الظالم المعاند أخذ عزيز مقتدر.
فهنا يخبر الله سبحانه عن قولهم في هذه الآيات لما جاءتهم:{قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى}[القصص:٣٦] أي: مختلق، {وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ}[القصص:٣٦] أي: أول مرة نسمع مثل هذا الكلام، وهذا ليس جواباً بحجة، فهؤلاء قالوا: ما سمعنا بهذا الكلام قبل ذلك، هذا ليس رداً للحجة، ولكن الحجة ترد بمثلها، فلم يكن عند فرعون ولا قومه من الحجج ما يردون بها على موسى إلا أن يقولوا: لم نسمع بهذا.