قال تعالى:{ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ}[غافر:٦٢]، (ذلكم) اسم إشارة، ويشار به للشيء البعيد، وهنا وجه التعظيم، فالخطاب لكم أنتم، ولذلك قال: ذلك وفي آخرها ميم، وهذا الضمير يشير إليكم أنتم، فيخاطب المخاطبين بالجمع، ولذلك جاء الضمير مع اسم الإشارة (ذلك).
قال تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[غافر:٦٢]، أي: ذلكم الله الذي صنع بكم هذا كله من النعم العظيمة، فهو الرب الذي يستحق أن يعبد وحده لا شريك له، قال تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ}[غافر:٦٢]، أي: ربكم ورب غيركم، فهو رب السماوات ورب الأرض ورب كل شيء رب العالمين سبحانه وتعالى.
قال تعالى:{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[غافر:٦٢]، فالله خلق السماوات وخلق الأرضين، وخلق ما تعلمون وما لا تعلمون، والله خالق كل شيء سبحانه وتعالى.
قال تعالى:{لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[غافر:٦٢]، فانظر كيف يؤكد على الألوهية وعلى الربوبية، في التأكيد على أنه هو الذي يصنع، وهو الذي يخلق، وهو الذي يفعل، وهو الذي يستحق أن يعبد، فهو الإله سبحانه وتعالى، ويؤكد ذلك بذكر الله وبذكر الرب، وبذكر صفات الخالق سبحانه وتعالى وما يصنع، فقد قال:(ذَلِكُمُ اللَّهُ)، وفي هذا ذكر الألوهية، (رَبُّكُمْ)، وفي هذا ذكر الربوبية (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)، ذكر مقتضى الربوبية: أنه يخلق فهو الخالق وكل ما سواه مخلوق، (لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)، ذكر توحيد الألوهية وتقرير ذلك وتثبيت ذلك في قلوب المؤمنين أنه لا إله إلا هو سبحانه.
قال تعالى:(فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)، أي: كيف تصرفون عن توحيده سبحانه وتعالى؟! وكيف تكذبون عليه وتجحدون ما يقوله لكم سبحانه؟! (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)، أي: كيف تصرفون عن دلائل توحيده فتعبدون غيره وتكذبون عليه سبحانه؟! ومثل هذا الإفك العظيم كمثل ذلك العبد الذي صرف عن دين الله سبحانه وتعالى، فكل إنسان غاو بعيد عن الله سبحانه وتعالى فهو يجحد بآيات الله، وهو في هذا الإفك، وفي هذا الكذب، وهو في هذا الانصراف عن دلائل توحيد الله سبحانه وتعالى.