قالوا:{أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ}[النمل:٥٦]، وإن هنا: تعليلية، فكأن المعنى: بسبب أنهم ينهونكم عن المنكر، {إِنَّهُمْ}[النمل:٥٦]، أي: لأنهم أناس يتطهرون، فإذاً: الجريمة التي فعلها لوط بزعمهم هي: أنه يتطهر عن هذه الفاحشة، وهنا كنظر الكثير من أهل الكفر والكثير من العصاة إلى الموحدين وإلى أهل الطاعة على أنهم على خطأ، فينظرون إلى الإنسان المتدين على أنه متزمت، ويقولون عن الإنسان الذي يعبد الله سبحانه ويتبع الكتاب والسنة: أصولي، مع أنها كلمة جيدة طيبة وليست سباً له؛ لأن كلمة أصول تعني: أنه يرجع إلى أصله من الكتاب ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هؤلاء بغبائهم وجهلهم يزعمون أن هذا الإنسان هو صاحب الأشياء القديمة من الزمان، ويتناسون ويتغافلون أن هذه الأشياء القديمة ما هي إلا الكتاب والسنة، كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم ينفروا الناس عن هؤلاء ويقولون: هذا إنسان أصولي، وهذا إنسان رجعي، ويريد أن يرجعكم إلى القرون الوسطى.
والكتاب والسنة ليسا من القرون الوسطى، وإنما كان في القرون الوسطى محاكم التفتيش، التي كانت في أوروبا، والتي كانت تحاسب الناس على ما في ضمائرهم، ولو لم تبدو هذه الأشياء، فالعصاة يقلدون هؤلاء؛ لأنهم استوردوا منهم ذلك، فيقولون عن المسلمين المتمسكين بدينهم: إنهم يريدون أن يرجعوا إلى قرون الظلام، وقد أنزل الله إلينا نوراً من عنده سبحانه وتعالى.