[تفسير قوله تعالى:(وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر)]
ثم قال تعالى:{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}[غافر:٢٧].
{وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ}[غافر:٢٧]، أي: استجرت بالله، ألجأ إليه، وأعوذ به، وأعتصم وألوذ وأحتمي به سبحانه وتعالى، {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي}[غافر:٢٧] هذا موسى وحده عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأن بني إسرائيل لم يكونوا مع موسى على استقامة دائمة حيث يدعوهم لجهاد فرعون، فإنهم كانوا يخافون، فموسى يجد نفسه وحيداً ليس معه أحد إلا الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال:{إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}[غافر:٢٧]، أي: من كل إنسان متعاظم في نفسه، كفر بالله، وكفر باليوم الآخر، وظن في نفسه أنه يقدر على كل شيء، فأعوذ بالله من فرعون ومن معه، {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ}[غافر:٢٧].
وفي هذا بيان للعقيدة الصافية، فموسى يقول لفرعون: ربي هو ربك، {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ}[غافر:٢٧] أي: عذت بالذي هو ربي والذي هو ربك، فلست رباً ولست إلهاً، وإنما الرب الذي خلقك والذي يستحق العبادة هو الله وحده سبحانه وتعالى، فقال لفرعون:{إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ}[غافر:٢٧].