كانت العادة عند العرب أن الإنسان فصيح اللسان يجيد الشعر ويجيد الخطابة، ويعتبرون هذا من فروسية الإنسان، فيكون بطلاً يقاتل بالسيف وبالرمح وأيضاً يخطب باللسان ويقول الشعر.
أما النبي صلى الله عليه وسلم فمنع من الشعر قدراً، بل لعله إذا أراد أن ينشد شعر بعض الناس يبدل شيئاً مكان شيء، فكان من يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: نشهد أنك رسول الله.
قال تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}[يس:٦٩]، فمثلاً قال بعض المشركين من المؤلفة قلوبهم للنبي صلى الله عليه وسلم: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع فهذا الشعر موزون له نغمة الوزن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: أأنت الذي تقول: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة فضحك الناس وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: بل يقول: بين عيينة والأقرع، فصدق الله إذ يقول:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}[يس:٦٩] مع أن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يقولون الشعر، فهذا عمه أبو طالب قال قصيدة عظيمة في مدح النبي صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قال شعراً وغيرهما، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الكلام بالشعر.
والله ذكر الشعراء فقال عنهم:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}[الشعراء:٢٢٤ - ٢٢٧]، فالذين يقولون الشعر من المؤمنين قليل، والأكثرون من الشعراء تراهم في كل واد يهيمون، ولذلك يقولون: أعذب الشعر أكذبه، يعني الذي فيه مبالغات ومحسنات بديعية كثيرة، فكلما يزداد الشعر كذباً يزداد جمالاً عند من يسمعه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان له أن يتكلم بذلك عليه الصلاة والسلام.
فمنعه الله سبحانه قدراً من الشعر، مع أن الشعر في حق غيره يكون مدحاً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له أن يتكلم بالشعر.