للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نسخ تحريم زواج النبي على أزواجه اللاتي كن معه]

قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب:٥٠] هذا إخبار للنبي صلوات الله وسلامه عليه بأن الله عز وجل أحل له أزواجه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عنهن.

(إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ) هذه الآية ذكر بعض أهل العلم أنها ناسخة لآية أخرى تليها وليست قبلها.

فقوله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب:٥٠] قالوا: أحل الله له ذلك، وهو متزوج أصلاً صلى الله عليه وسلم، قالوا: فلا بد أن يكون هناك شيء قد حرمه الله عز وجل عليه ثم أحله له بعد ذلك، فذكروا قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب:٥٢] فهذا الذي لا يحل جعله مغيباً حتى يأتي حكم آخر، قالوا: هذا الحكم هو قوله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب:٥٠]، وكأنهم ذهبوا إلى أن الآية الناسخة متقدمة في التلاوة على الآية المنسوخة، كالتي في سورة البقرة في أمر العدة، حيث إن الله عز وجل ذكر: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة:٢٤٠] في المرأة التي توفي عنها الرجل، وفي آية قبلها ذكر الله سبحانه وتعالى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:٢٣٤] فكانت الناسخة في التلاوة قبل المنسوخة، وإن كان في الحكم أن ينزل الحكم المنسوخ أولاً ثم بعد ذلك الحكم الناسخ.

لكن الأكثر من أهل العلم قالوا: إن هذه الآية يمن فيها الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، وليست هذه الآية التي نسخت الحكم، ولكن ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أحل الله عز وجل له النكاح، فكأن الله سبحانه وتعالى أحل له أن يتزوج، وبين له من هذه المرأة أو من هؤلاء النساء اللاتي تزوج منهن صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك نزل التخيير، بأن خير الله نساءه إذا كن يردن النبي أو يردن الحياة الدنيا وزينتها، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، فجاءت المكافأة من الله عز وجل أنه قال: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب:٥٢] فكانت مكافأة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم بعد ذلك أباح له سبحانه وتعالى بوحي من السنة أن يتزوج، فكان منه صلى الله عليه وسلم المكافأة لنسائه أنه لم يتزوج بعد ذلك عليهن صلوات الله وسلامه عليه.

إذاً: هذه الآية قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب:٥٠] هي ابتداء حكم من الله سبحانه، وإخبار عن حل كل من تزوجتها بهذه القيود والشروط.

<<  <  ج:
ص:  >  >>