تفسير قوله تعالى:(وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً)
يقول الله سبحانه وتعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣]، أي: قدمنا إلى ما عمل هؤلاء الكفار، ومعنى ذلك: عمدنا إلى أعمالهم التي عملوها وقدموها في الدنيا، فالكافر قد يفعل الخيرات فيبر أمه، ويصل رحمه، ويتصدق على إنسان على دينه أو على غير دينه، لكن الله عز وجل لا يدخر له أجراً للآخرة، بل يعطيه في الدنيا فقط، فقد يعطيه صحة حين يمرض ويشفيه الله سبحانه وتعالى، وقد يعطيه مالاً ويعطيه البنين بحيث لا يبقى له عند الله يوم القيامة شيء، فإذا مات وجاء يوم القيامة ضاع هذا العمل فجعله الله عز وجل {هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣]، والهباء: الذرة التي تراها من النافذة حين تدخل الشمس، وحين تمسك هذه الذرات بيدك لا تجد شيئاً في يدك، فهذا الهباء، أو هو غبار التراب الذي تبثه وتذروه الرياح، فكذلك هؤلاء الذين كانوا يعملون في الدنيا بالخير لا يقبل منهم؛ لأن قبول الخير مقيد بشرطه وهو الإيمان، أن يكون مؤمناً بالله سبحانه، ومؤمناً برسله عليهم الصلاة والسلام، ومؤمناً بالملائكة، ومؤمناً باليوم الآخر، ومؤمناً بالقضاء والقدر، فإذا جاء بأصول الإيمان يقبل الله منه عمله، وإذا لم يأت بأصول الإيمان لا يقبل الله منه شيئاً.