قال تعالى:{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}[النمل:٤٢]، ويحتمل أنه من قول سليمان عليه الصلاة والسلام، ويحتمل أنه من قولها هي، فالهاء في (قبلها) عائد على معجزة الإتيان بالعرش من هذا المكان إلى هذا المكان في لمح البصر وطرف العين، فكأن سليمان يقول: من قبل هذه المعجزة قد أوتينا العلم برب العالمين سبحانه وبقدرته العظيمة سبحانه، فقد آتانا الكتاب وعلمنا الصواب وأرشدنا، وسخر هذه الجنود تحت أيدينا.
فالعلم بالله عز وجل سابق عندنا، وهذه المعجزة شيء من فضل الله سبحانه وتعالى، فمن قبل هذه المعجزة نحن نعلم ربنا سبحانه وتعالى، هذا إذا كان من قول سليمان.
وأما إذا كان من قول المرأة، فكأنها لما رأت هذه المعجزة قالت: هذه آية فعلاً، ونحن قد أوتينا العلم من قبل ذلك بأنك نبي، فمن ساعة أن قرأنا رسالتك وأسلوبك في الكلام عرفنا أنك نبي قبل هذه الآية التي رأيناها أمامك.
فعلى هذا قال لها: ما هو الذي يمنعك أن تسلمي من ساعتها، فقال سبحانه:{وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[النمل:٤٣]، يعني: إن الذي صدها قبل ذلك عن أن تؤمن مع سليمان عليه الصلاة والسلام هواها، وما كانت فيه من ملك، وما كان عليه قومها من عبادة غير الله سبحانه، والإنسان عندما يجد في قومه شيئاً معيناً يخاف أن يخالفهم فيضيع منه ملكه، فلا يعمل ذلك الملوك إلا ما كان من النجاشي رضي الله عنه.