الإعجاز العلمي في قوله تعالى:(ومن كل تأكلون لحماً طرياً) وقوله: (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)
ثم قال سبحانه:{وَمِنْ كُلٍّ}[فاطر:١٢]، أي: من البحر العذب والبحر المالح، {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا}[فاطر:١٢]، أسماكاً وغيرها، {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}[فاطر:١٢] قال الله سبحانه: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن:١٨ - ٢٢]، أي: يخرج من الاثنين، من الماء العذب ومن الماء المالح، وكان المفسرون يقولون:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا}[الرحمن:٢٢]، أي: على سبيل التغليب، وإلا فلا يخرج اللؤلؤ والمرجان إلا من الماء المالح فقط، وهذا هو المعروف عند العرب، وهذا من أدلة إعجاز القرآن العظيم الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي كان عربياً مثلهم.
لكن العلم الحديث أثبت لنا بأن هناك أنهاراً موجودة يخرج منها اللؤلؤ والمرجان، ويخرج منها الحلي للناس، ولذلك لم تعرفها العرب، وتوجد هذه الأنهار في الهند وفي الصين وفي روسيا وفي أمريكا وفي ألمانيا وغيرها؛ ولذلك تأول المفسرون هذا الآية: أنه يخرج من أحدهما -وهو المالح- اللؤلؤ والمرجان.
قال سبحانه:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن:٢٢]، وهناك قال:{وَمِنْ كُلٍّ}[فاطر:١٢]، أي: الاثنين: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا}[فاطر:١٢]، ومن كل أيضاً:{تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}[فاطر:١٢]، وقد يكون هذا الشيء موجوداً عند العرب ولكنهم لم يكتشفوه في وقت نزول القرآن فيهم، والقرآن لم ينزل لزمانهم فقط، بل نزل لكل زمان إلى قيام الساعة.
ولذلك تجد الآن في بلاد العرب من يأخذ الرمل الموجود حول هذه الأنهار فيفتته ويحلله ويخرج منه الذهب؛ ولذلك يقولون: إن أنهار العرب فيها من الطين ما هو ممتلئ بالذهب، وهذا شيء لم يكن موجوداً في الماضي ووجد الآن، يقول سبحانه:{وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}[فاطر:١٢]، أي: ومن آياته: أنه يرسل هذه الرياح لتثير السحاب ولتجري الفلك في البحار والأنهار بأمر الله سبحانه، ليخرج الإنسان الصياد فيركب قاربه مبتغياً الرزق من الله سبحانه وتعالى، ((لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ))، ((وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ)) يعني: تمخر الأمواج، أي: تشقها وتشق أمواجه وتسير فيها بتسيير الله سبحانه لها وبتيسيره، لتبتغوا من فضل الله سبحانه ومن رزقه، فهو الذي سخر لكم ذلك ولن يغرقكم إلا حين يشاء سبحانه وتعالى.
ثم ترك لكم الخيار في الأكل من البر أو البحر وسخر لكم من فضله سبحانه، قال:{لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[فاطر:١٢]، أي: فإذا أخذتم وإذا لبستم حمدتم الله سبحانه وشكرتموه على نعمه، وهو القائل:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}[إبراهيم:٧].