للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة موسى عليه السلام مع قومه]

فهنا يذكر له أن هؤلاء إن كانوا قد احتقروك بأنك لست عظيماً، أو بأنك مجنون، فائتس بموسى من قبلك، وهذه قصة مختصرة لموسى عليه الصلاة والسلام: فقد أرسله الله بتسع آيات بينات مبصرة من رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى، والتسع الآيات التي جاء بها موسى أخبرنا الله عز وجل عنها في كتابه، فقال: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف:١٣٠]، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ} [الأعراف:١٣٣]، وأرسله الله بآيتي اليد والعصا والمجموع تسع آيات أرسل الله عز وجل موسى بها إلى قومه.

ونزلت عليه التوراة من عند رب العالمين سبحانه فيها هدى ونور وبينات لهؤلاء الخلق، وجاءهم بالرسالة فرفضوا أن يتبعوا دين موسى عليه الصلاة والسلام، فجاءهم بالآيات البينات التي أجبرتهم أن يعترفوا بها وقت ما تأتيهم الآية ثم بعد ذلك يرجعون عن ذلك.

والتسع الآيات هي: أخذهم بالسنين ونقص من الثمرات، فأصابهم الله بالقحط، فكانوا في شدة فلا يجدون ما يطعمون به البهائم وضيق الله عليهم في الثمرات، ثم أرسل عليهم الطوفان، ففاض نهر النيل وأغرق بيوتهم، فيجأرون إلى موسى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [الأعراف:١٣٤]، فيدعو ربه فيكشف عنهم ذلك، ويكفرون أشد من كفرهم السابق، فتنمو الثمار وهم على كفرهم فيرسل الله عليهم الجراد فتأكل كل الثمار، فيطلبون من موسى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الأعراف:١٣٤]، فيدعو ربه سبحانه فيكشف عنهم، فيصرون على ما هم فيه، ويجمعون ثمارهم وحبوبهم في أماكنها فيرسل الله عز وجل عليها ما يأكلها، فيجأرون إلى موسى: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الأعراف:١٣٤].

وفي كل آية من الآيات يطلبون من موسى أن يدعو ربه، فربنا يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أنه من ختم الله على قلبه لن يؤمن وإن رأى الآيات.

ولا تحزن على أبي جهل وأمثاله، وليس كل أمر يطلبه الكفار تطلبه لهم، وإذا كان الله عز وجل أراد لهم الإيمان سيؤمنون، وإذا لم يرد ذلك فلن تقدر على أن تحولهم من كفرهم إلى الإيمان.

وموسى وحده ذهب إلى فرعون الذي نصب نفسه إلهاً: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤]، واستخف قومه، فقال له موسى: {إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزخرف:٤٦]، أي: رسول رب الخلق ورب العالم العلوي والعالم السفلي، وكل ما خلق الله سبحانه تبارك وتعالى، فالله خالق كل شيء، وهو رب كل شيء ومليكه سبحانه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>