قال الله سبحانه:{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب:٦] فإذا كانت زوجات النبي أمهات للمؤمنين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أب لهذه الأمة، وكل نبي أب لقومه، هذا حكم من الله سبحانه، ولذلك فإن سيدنا لوطاً على نبينا وعليه الصلاة والسلام يقول لقومه:{هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}[هود:٧٨] وما كان عنده إلا بنتان، فالمقصود بالبنات بنات قومه فهن أطهر لهم، فكان قوم لوط يأتون الرجال - والعياذ بالله - فقال لهم:{هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}[هود:٧٨] أي: تزوجوا من النساء، واحذروا هذه الفاحشة، التي كانت سبباً في إهلاكهم.
وقوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}[الأحزاب:٦] قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو أب للمؤمنين، وقرئت في الشواذ في قراءة أبي وابن عباس رضي الله عنهما:(وهو أب لهم) وليست قراءة، والراجح أنها تفسير، أو كانت قراءة ونسخ ذلك فصارت تفسيراً، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أب للأمة، ولذلك يقول للأمة عليه الصلاة والسلام:(إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم) فيعلمهم الآداب الشرعية.
ولذلك فإن اليهود يحسدون هذه الأمة على نبيها صلوات الله وسلامه عليه، فيقولون: ما ترك شيئاً إلا علمكم حتى الخراءة، أي: حتى أدب الخلاء فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد) يعني: لا تستحيوا أن تسألوا في أحكام الطهارة وغيرها من الأحكام، فأنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، أي: بمنزلة الوالد في الشفقة والتعليم والتأديب والتهذيب صلوات الله وسلامه عليه.