[تفسير قوله تعالى: (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون)]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:٣٧].
إن اجتناب كبائر الإثم والفواحش من صفات المؤمنين الذين يغفر الله عز وجل لهم عند وفاتهم بفضله وكرمه، قال سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١] فالكبائر إذا اجتنبها المؤمن طول حياته فإن الله عز وجل يكفر عنه سيئاته التي هي صغائر ذنوبه بفضله وكرمه ورحمته سبحانه وتعالى.
وقد جعل الله مكفرات كثيرة، فجعل الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة، وكذلك اجتناب الكبائر، كل ذلك مكفرات لصغائر الذنوب عن العبد.
وقد ذكر الله هنا الذين يجتنبون كبائر الإثم ويجتنبون الفواحش، وفي سورة النجم ذكر الاستثناء فقال: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم:٣٢]، فهم يجتنبون كبائر الإثم، ولكن يقعون في اللمم وهي الصغائر، وكل إنسان لا بد أن يقع في حال غضبه، أو في حال فرحه، أو في حال هربه من شيء، فلابد أن يقع في شيء من اللمم.
فعلى المؤمن أن يجتنب الكبائر ولا يستهين بالصغائر، وإذا وقع في شيء من الصغائر تاب إلى الله تعالى ورجع إليه.
فإذا كان عند الوفاة وبقي عليه شيء من سيئاته وقد اجتنب كل الكبائر فالله عز وجل يكفر عنه هذه السيئات بفضله ورحمته سبحانه.
وكذلك قد جعل الله عز وجل للعبد في حياته مكفرات، مثل الشوكة يشاكها، والبلاء يبتلى به، والمصيبة يبتلى بها، وما يصيبه من هم وغم ووصب ونصب ومصيبة إلا كان له في ذلك أجر وكفر الله عز وجل عنه من سيئاته بذلك.
وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ} [الشورى:٣٧] قراءتان: قراءة الجمهور: (الذين يجتنبون كبائر الإثم).
وقراءة حمزة والكسائي: (كبير الإِثْمِ)، أي: الإثم الكبير.
وقوله تعالى: {وَالْفَوَاحِشَ} [الشورى:٣٧]، أي: ويجتنبون أيضاً الفواحش.