[عدم جواز الأكل من الهدي إذا عطب في الطريق إلى البيت الحرام]
ذكر العلماء مسألة عطب الهدي، فلو أن الإنسان أخذ هدياً إلى بيت الله الحرام وعطب هذا الهدي، فهذا الهدي إما أن يكون واجباً عليه مثل: هدي القران وهدي التمتع وغيره، وإما أن يكون مستحباً تطوعاً، فهدي الواجب مضمون عليه، يعني: أخذ هدياً بسبب أنه متمتع بالعمرة إلى الحج، وحصل أن هذا الهدي هزل في الطريق فاحتاج لذبحه وأكله فلا شيء عليه؛ لأنه مضمون عليه، مع أن المطلوب منه غيره، فسيأتي بغيره مكانه.
أما هدي التطوع فله حكم آخر: ففي سنن أبي داود عن ناجية الأسلمي: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي تطوع)، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في المدينة وناجية مسافر لعمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم أرسل معه هدياً تطوعاً، سواء كان ناجية متوجهاً بعمرة أو بحج، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(إن عطب منها شيء فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خل بينه وبين الناس)، وفي رواية:(ولا تأكل منه ولا أحد من أهل رفقتك)، وهذا في صحيح مسلم بمعناه من حديث ابن عباس.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غاية الكرم، فكان يعطي الهدي لمن يريد الحج أو العمرة ليذبحه عند البيت ويوزعه على الفقراء، فكان يأمر هذا الذاهب مثل ناجية مثلاً رضي الله عنه: أنه إذا عطب من الهدي شيء في الطريق أن يذبح، وأن يلطخ بدمه ظهره ليعرف من يراه أن هذا هدي للبيت، فيقوم الفقراء بالأكل منه، أما منعه ورفقته من الأكل منه فلسد الذريعة، حتى لا يفرط صاحب الهدي فيه حتى ينحره فيأكل منه ورفقته بسبب الجوع، فإذا علم أنه إذا ذبح الهدي فلن يأكل منه شيئاً حافظ عليه تمام المحافظة حتى يصل به إلى هنالك، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا عطب منها شيء فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه) يعني: خذ النعل وضعه على دمه ولطخ به جلده بحيث يعرف الناظر أن هذا اللحم هدي لبيت الله الحرام، قال:(ثم خل بينه وبين الناس، ولا تأكل منه أنت ولا أحد من أهل رفقتك)؛ سداً للذريعة؛ لكي لا يذبحوا الهدي في الطريق ثم يزعمون بعد ذلك أنه قد عطب والله أعلم.
نكتفي بهذا القدر، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.