للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل)]

قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الزمر:٢٧]، فالله الكريم سبحانه تبارك وتعالى نزل هذا الكتاب قرآناً عربياً غير ذي عوج ((بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)) أي: واضح يبين عن نفسه، ويفصح عن معانيه، ويوضح مبانيه.

و (مبين) اسم فاعل، فتقول: هذا مبين، أي: مفصح، يبين ما فيه.

فالقرآن واضح، والكلام الذي فيه أيضاً واضح، فإذا قال: (احذروا النار)، فلا أحد يشكل عليه هذا المعنى.

وإذا قال: (اعملوا للجنة)، فلا أحد يشكل عليه هذا المعنى.

فالقرآن بين وواضح وجليّ، وكل إنسان يفهم من كتاب الله سبحانه ما يريده الله سبحانه منه أن يفهمه من الأحكام.

فقد ضرب الله في هذا القرآن أمثالاً بأشياء صغيرة وبأشياء كبيرة، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:٢٦]، فالبعوضة الصغيرة يضرب بها المثل، ويتأمل الإنسان ويتعجب مما ذكر الله عز وجل في القرآن من أمثال! فإذا كان الإيمان في قلبه انتفع بهذه الأمثلة، وعمل بمقتضى ما يذكر الله سبحانه.

وإن كان لا يفهم، ولا إيمان في قلبه فيقول: ماذا أراد الله بهذا المثل؟ فلماذا يذكر الله البعوضة؟ ولماذا يذكر الذبابة؟ ولماذا يذكر العنكبوت؟ قال تعالى: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:٢٥] أي: لعلهم يتفكرون في هذه الأمثال، ويعرفون قدرة الله سبحانه تبارك وتعالى، ويعرفون ما يريده الله وما يراد بهم.

قال تعالى: ((وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ)) أي: كل مثل من الأمثال التي تنفعهم ذكرناها لهم في كتابنا، لعلهم يتذكرون لِمَ خلقهم الله سبحانه؟ فيتفكرون في ذلك فيعملون، ويتذكرون فلا ينسون ما يراد منهم وما يراد بهم، ويذكرون الله سبحانه تبارك وتعالى فيعتبرون ويتبصرون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>