قال الله تعالى:{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}، وكأن الله سبحانه يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن قبل هود كان هناك نذر، وبعده كان هناك نذر أيضاً، والنذر بمعنى الرسل، والمعنى: أرسلنا رسلاً قبله ورسلاً بعده عليه الصلاة والسلام، فمن قبله كان نوح صلوات الله وسلامه عليه، وربنا يقول:{وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}[النساء:١٦٤]، فهناك رسل من رسل الله عز وجل لم يقص الله خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ورسل قد قص الله خبرهم عليه.
فالله عز وجل ذكر بعض رسله عليهم الصلاة والسلام، فقد خلا من قبل هود رسل أنذروا قومهم، ومن بعده أيضاً جاء رسل ينذرون أقوامهم، {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ}[الأحقاف:٢١] أي: أن المنذرين قد مضوا من قبله، وأيضاً جاءوا من بعده، فمضوا من بين يديه ومن خلفه، يدعون أقوامهم ويقولون لهم:((أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ))، وهذه هي دعوة الرسل جميعهم، كقوله تعالى:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[هود:٥٠]، واعبدوا الله معناها لا إله إلا الله، فكل الرسل يدعون إلى الإسلام، فعلى المسلم أن يسلم نفسه، وأن يوجه وجهه لله، ولا يشرك به شيئاً.
وقوله تعالى:((إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) هذه هي قراءة الجمهور، وقراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو:((إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ))، وهو يوم القيامة، ولا يمنع أن يكون قبل ذلك عذاب أليم وعذاب شديد، ولكن أعظم ما يكون من العذاب هو عذاب يوم القيامة.