أما المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فقد قال الله عز وجل عنه:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ}[الزخرف:٥٩] ما هو إلا عبد عليه الصلاة والسلام، {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف:٥٩]، فذكر الله عز وجل المثل ثلاث مرات: في المرة الأولى عن فرعون ومن معه: ((فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين)) وهذا مثل شر وموعظة لمن يتق الله عز وجل ولمن يتعظ بمثل هذه القصة، والمثل الآخر الذي ضربه الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم وهم يكذبون ويفترون ويتغافلون عما يقولونه فذكر الله عز وجل هذا المثل {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف:٥٧] المثل الثالث: يقول نحن جعلناه مثلاً أي: جعلنا المسيح آية فالمثل في هذه الآية معناه المعجزة وجعلناه آية من آياتنا.
{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ}[الزخرف:٥٩]، عبد خلقه الله عز وجل وليس بأعجب من آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذي أوجده الله عز وجل من لا شيء فكان من ماء ثم من تراب ثم جسداً حياً بعد ذلك وليس عجباً أن يخلق الله عز وجل آدم من تراب، وليس عجباً من العجب أن يخلق المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام من أم فقط من غير أب وهذه آية من آيات الله عز وجل، وكل خلق الله عز وجل عظيم فإذا قيل خلق المسيح من أم فقط قلنا: ليس هذا بأعجب من حواء التي خلقت من ضلع من آدم فهل عبدتم المسيح؛ لأنه خلق من أنثى؟ فاعبدوا حواء لأنها خلقت من ذكر فهي أولى، وحاشا لبشر أن يعبد من دون الله عز وجل، وهذا آدم خلقه أعجب من خلق الجميع فقد خُلق من لا شيء، فجعل الله المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام آية قال سبحانه:{وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف:٥٩] ليروا آية من آيات الله عز وجل أمامهم فيصدقون أنه نبي الله عليه الصلاة والسلام، ولم يؤمن به الكثيرون من بني إسرائيل وإنما آمن به البعض وأما الكافرون فقد أرادوا قتله ووشوا به إلى ملكهم ملك الكفار ليقتله وقد جعل الله له آيات يحيي الموتى بإذن الله سبحانه، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم، وهذه كلها آيات من آيات الله سبحانه تبارك وتعالى لم ينسبها لنفسه وإنما نسبها لله سبحانه تبارك وتعالى وأنه يفعل ذلك بإذن الله فقال الله سبحانه:{وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}[الزخرف:٥٩] حتى يؤمنوا ويصدقوا ويتبعوا أنه نبي ورسول أرسله الله عز وجل إليهم.