يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث:(والله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)، وفي رواية أخرى:(فيما يراه الناس)، فقد ترى أنت إنساناً صالحاً ثم تراه قد انقلب فجأة، فتتعجب وتتساءل: ما الذي قلب هذا الإنسان؟ والله أعلم بنفس هذا الإنسان، فأنت ترى الظاهر فقط، وكم من إنسان تراه في ظاهره مؤمناً ومهذباً وفيه من خصال الخير، ولكن الله يعلم خبث باطنه، فتجده ينقلب ويتغير حاله بعد أن كان متديناً وملتزماً بأمر الله عز وجل، نسأل العفو والعافية.
فالله أعلم بمن يستحق الثواب ومن يستحق العقاب، فنؤمن ونتعظ بغيرنا ولا نكون نحن عظة لغيرنا، وهذا معنى قول ابن مسعود:(السعيد من وعظ بغير)، ولم يجعله الله هو العبرة لغيره، وإنما اتعظ فانتفع بالموعظة.
يقول في بقية الحديث:(وإن أحدكم لعمل بعمل أهل النار)، وفي رواية:(فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)، إذاً: فلا ييأس أحد من رحمة الله سبحانه، فقد يعمل الإنسان الأعمال الباطلة الكثيرة، حتى يقال عنه: إنه من أهل جهنم، كما يقول الناس: فلان شرير، وستكون آخرته سوداء، ولعله يختم له في النهاية بخير، فيتوب إلى الله عز وجل ويراجع نفسه.
مثل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم تاب إلى الله فكان من أهل الجنة، ولذلك لا يحكم على إنسان بجنة ولا بنار حتى يرى بماذا يختم له.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل السعادة، وألا يجعلنا من أهل الشقاوة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.