إن الأطفال قد يأتون إلى المسجد لكي يتعلموا العلوم، وقد كانوا في الماضي يعلمون الأطفال القرآن في المسجد، ويحفظونهم الأحاديث، فكانوا يخافون على المسجد من اللغو واللعب الذي يقوم به الأطفال، ويمنعون من ذلك.
أما إذا كان بأجرة فقد عده بعض العلماء أنه من باب الإجارة، أو من باب البيع، فقد يرفع المعلم صوته بطلب الأجرة بداخل المسجد، وهذا ممنوع منه في البيع.
قال القرطبي رحمه الله: فإذا كان بغير أجرة منع أيضاً من وجه آخر، وهو أن الصبيان لا يتحرزون عن الأقذار والوسخ، فيؤثر دخولهم المساجد على نظافتها، وقد أمرنا بتنظيفها وتطييبها، والأطفال منهم من قد يتبول في المسجد، ومنهم من يأكل ويرمي الأكل فيه، أو يقذره بحذائه، ولهذا يمنع من ذلك.
وليس معنى ذلك هو القول بمنع الأطفال من المسجد منعاً باتاً، ولكن إذا كان وجودهم يشوش على المصلين، وهناك من يؤدبهم ويعلمهم ويمنعهم من اللعب فلا بأس إذاً، وأما إذا ضاق الأمر واستمر الإزعاج، وضاعت على الناس صلاتهم، فيمنعوا من دخول المسجد، وخاصة إذا كانوا صغار السن، أو دون سن السبع السنوات بحيث يتأذى المصلون من أصواتهم ولغوهم ولعبهم؛ لأن صغار السن قد لا يأتون المسجد إلا للعب، ويمكن أن يأخذ الطفل المصحف ويقطعه، أو يشطب فيه، فإذا كان الإمام القرطبي يقول: تقذير أرض المسجد -فقط- ممنوع منه، فكيف بتقطيع المصاحف، أو الشطب فيها ونحوه؟! إذاً: إذا أتينا بالأطفال إلى المسجد فليكن في السن الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة فيه: (مروا أولادهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، فبعد سن السبع يؤتى بالطفل إلى المسجد، بشرط أن يعلم آداب المسجد، ويحذر من اللعب مع الأطفال فيها.