والسيدة سودة بنت زمعة أسلمت قديماً رضي الله عنها وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها فتوفي هنالك، ثم رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة الثانية، فهاجر بها إلى المدينة، فقد كانت معه في مكة عليه الصلاة والسلام ودخل بها هنالك، وهي التي وهبت يومها للسيدة عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها، لأجل أن تكون زوجته في الجنة، أما في الدنيا فهي لا تريد الوطء؛ لأنها كانت كبيرة في السن.
فقالت: يا رسول الله، يومي لـ عائشة.
ففيه الإيثار وحب ما يحبه الحبيب، فهو صلوات الله وسلامه عليه حبيبها، وهي تحبه وتعلم أنه يحب عائشة أكثر منها، وحب القلوب لا يملكه الإنسان، والحب ميل في القلب يحركه الله عز وجل كما يشاء تبارك وتعالى، فقد علمت أن أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه السيدة خديجة ثم السيدة عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنهما، فهي تحب ما يحبه صلى الله عليه وسلم.
فهذا إيثار عظيم جداً من زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فتتعلم المرأة المسلمة كيف تصبر إذا كان زوجها قد تزوج عليها بضرة كما صبرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم ففيهن الأسوة الحسنة والقدوة العظيمة.
وتوفيت السيدة سودة في سنة أربع وخمسين، يعني بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأربع وأربعين سنة، فقد عاشت تبلغ أحكاماً شرعية ثم توفيت رضي الله تبارك وتعالى عنها.