للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى قوله: (ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن)]

قوله: {وَلا إِخْوَانِهِنَّ} [الأحزاب:٥٥] فالأخ يدخل على أخته ويجلس معها وهي في ثياب بيتها ولا شيء في ذلك، لا جناح يعني: لا حرج ولا إثم.

{وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ} [الأحزاب:٥٥] فأبناء الإخوة وأبناء الأخوات يجوز لهم أن يجلسوا معها وهي في ثياب مهنتها وفي ثياب بيتها.

وفي الآية إشارة إلى جواز جلوس المرأة مع عمها وخالها وهي بثياب بيتها ومهنتها، وهذا قول جمهور العلماء.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن المرأة تستتر أمام غير من ذكر الله عز وجل هنا، فقالوا: تستتر من عمها، وخالها، وعللوا ذلك بعلة ضعيفة، فقالوا: العم والخال قد يصف هذه البنت لابنه، وابنه لا يجوز له أنه ينظر إليها.

وهذه العلة منتقضة بما ذكره الله عز وجل هنا من ابن الأخ وابن الأخت.

فالصواب: أن العم والخال يجوز له أن يجلس مع بنت أخته أو مع ابنة أخيه ولا شيء في ذلك، والآية فيها إشارة إلى هذا الشيء.

وقد جاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عم الرجل صنو أبيه)، فالعم منزلته منزلة الأب، فهو من أولياء المرأة، والخال هو أخو الأم، وقد يكون وارثاً في بعض الأحوال ففي الحديث: (والخال وارث من لا وارث له)، فهو رحم للمرأة، والخالة بمنزلة الأم للمرأة، فالقول بأن الخال لا يجوز له أن ينظر إلى ابنة أخته، أو العم لا يجوز له أن ينظر إلى ابنة أخيه، هذا قول ضعيف.

وفي القرآن ما يدل على أن العم بمنزلة الأب، وذلك في وصية يعقوب: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٣]، فقالوا: {وَإِلَهَ آبَائِكَ} [البقرة:١٣٣] أي: آباء يعقوب، والمقصود: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسلام، فإبراهيم جده، ووصفه بأنه أب، وإسماعيل عمه وليس أباه، وجعله من الآباء، وإسحاق هو أبو يعقوب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>