للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى نفي حزن المؤمنين من الفزع الأكبر]

قال تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:١٠٣].

أي: لا يخافون من الفزع الأكبر، وهو أهوال يوم القيامة وقيل: هو الوقت الذي يأمر فيه الله بالعباد إلى النار.

وقد جاء في الحديث أن الله يقول يوم القيامة: (يا آدم أخرج بعث النار فيقول: كم يا رب؟! فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة، فذاك يوم يجعل الولدان شيباً)، أي: تشيب الرءوس من هوله، فمن الواحد الذي سينجو من كل ألف؟ فهذا هو الفزع الأكبر في يوم القيامة.

وقيل: الفزع الأكبر: إذا أطبقت النار على أهلها، وذبح الموت بين الجنة والنار.

وقيل: هو: القطيعة والفراق، أي: عندما يفترقون، فمنهم إلى الجنة ومنهم إلى النار، فأهل الإيمان الذين سبقت لهم الحسنى لا يفزعون ولا يخافون، فقد طمأنهم الله عز وجل بما صنع بهم من رحمة.

وقوله تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأنبياء:١٠٣] هذه قراءة الجمهور.

وقراءة أبي جعفر: (لا يُحْزِنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ) من الفعل الرباعي أحزن، وباقي القراء يقرءونها من الفعل الثلاثي حزن.

قال تعالى: {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} [الأنبياء:١٠٣] أي: وهم داخلون الجنة، يقولون: (هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فيطمئنهم الله عز وجل ويبشرهم، كما قال تعالى: {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الأحقاف:١٣].

وتتلقاهم الملائكة بالتحية وبالسلام وبالإكرام ويقولون: أبشروا، {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء:١٠٣] وهي من الوعد لا من الوعيد، فقد وعدكم الله عز وجل بحسن الجزاء وبحسن اللقاء وبحسن المثوبة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>