والحصب: الحجارة، فهم من حصب جهنم التي وقودها الناس والحجارة والعياذ بالله.
قال ابن عباس رضي الله عنه: لما أنزل: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:٩٨]، شق على كفار قريش؛ لأن قوله:(إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ) يعني: هم وأصنامهم وكل ما يعبدون من دون الله حجارة في نار جهنم، فقالوا: شتم آلهتنا وذهبوا إلى ابن الزبعرى من كبرائهم فقالوا له: كذا، وسفه آلهتنا وشتمنا فقال هذا الرجل: لو حضرته لرددت عليه.
أي: ظن في نفسه أنه سيقول شيئاً ويرد على النبي صلى الله عليه وسلم بها.
فقالوا: وما كنت تقول؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى، واليهود تبعد عزيراً، أفهما من حصب جهنم؟! يعني: أنت تقول: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء:٩٨] فعلى ذلك المسيح في النار وعزير في النار، فأعجبت مقالته قريشاً وفرحوا بها ورأوا أنهم غلبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورفعوا أصواتهم، وقالوا: خصم محمد! فأنزل الله عز وجل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}[الأنبياء:١٠١].
يعني: المسيح عليه الصلاة والسلام وعزيراً، قد سبقت لهما من الله الحسنى، وليسا داخلين في هذه الآية.
وأنزل الله عز وجل:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف:٥٧] أي: يصرخون ويصخبون ويقولون: خصمنا محمداً وغلبناه.
قال تعالى:{وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[الزخرف:٥٨]، أي: قوم شديد والخصومة بالباطل من غير أن يفهموا ما يقولون، وكأنهم كانوا يقولون: خصمنا محمداً وغلبناه، {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}[الزخرف:٥٨]، أي: آلهتنا خير أم المسيح خير؟ وأنت تقول:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم}[الأنبياء:٩٨]، أي: فيكون الكل في النار، فكذلك المسيح في النار، فقال الله عز وجل لهم في هذه الآية:{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}[الزخرف:٥٧]، أي: قال لهم: لا تفرحوا بهذا الشيء، فإن المسيح عليه الصلاة والسلام وعزيراً ممن سبقت لهم منا الحسنى، فلا يردون ولا يدخلون النار مع من يدخل.
قال سبحانه:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:٩٨]، يعني: داخلون في هذه النار مع الآلهة التي عبدتموها من دون الله تبارك وتعالى.