[تفسير قوله تعالى:(ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة)]
يقول الله تعالى:{مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[لقمان:٢٨]، فالله القدير سبحانه، والسميع البصير، خلق العباد ثم يبعثهم، خلق آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ونفخ فيه من روحه سبحانه، ثم جعل من ذريته هذا الكم الهائل العظيم الذي بثه ونشره وذرأه سبحانه على هذه الأرض، ثم وقتما ما يشاء يقبض الجميع، ثم يأمر بالنفخ في الصور ويقول:{كُنْ فَيَكُونُ}[البقرة:١١٧]، فيرجع العباد مرة ثانية على وجه الأرض ليسألهم ربهم سبحانه، ويجازيهم على أعمالهم.
وقد تعجب الكفار من ذلك: كيف يبعثهم الله مرة واحدة؟ فقال الله سبحانه:{مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[لقمان:٢٨]، أي: أن الأمر هين على الله، وكم يرى الإنسان من خلق الله بالليل والنهار! فالله يخلق ما يشاء، وفي اليوم الواحد يولد على وجه الأرض آلاف من البشر، ويموت الألوف والألوف من البشر، فالذي أحيا هؤلاء وأمات هؤلاء أليس قادراً على أن يحييهم مرة ثانية بعد أن يهلكهم سبحانه؟ فالله سميع لما يقوله هؤلاء المكذبون لرسل الله عليهم الصلاة والسلام، والله بصير بأعمالهم وما يفعلون وما يكيدون لرسل الله عليهم الصلاة والسلام، وسوف يأتون إلى ربهم ليسألهم بعد أن يبعثهم يوم القيامة.