للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (طاعة وقول معروف)]

قال تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} [محمد:٢١] كأنه يقول: لو أنهم قالوا: (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كان هذا خيراً لهم وأفضل، فكأن الآية على الفصل، فقوله: {فَأَوْلَى لَهُمْ} [محمد:٢٠] انتهت هذه الآية، والمعنى: تهديد ووعيد لهؤلاء، فقد قاربهم ما يهلكهم بسبب ذلك، (أولى لهم) أي: قد جاءهم ووليهم عذاب من عند الله عز وجل.

ثم بدأ واستأنف فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد:٢١] أي: هلا قال هؤلاء: أمرنا، شأننا، فعلنا الطاعة والقول المعروف، فهذه بداية، كأنه يقول: هذا خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أمرنا طاعة وقول معروف، يعني: لو كان حالهم ذلك، وشأنهم أنهم يتكلمون فيقولون: سمعنا وأطعنا، مثلما يقول المؤمنون.

قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد:٢١] كان الأخير بهؤلاء أن يكونوا مطيعين لله وللرسول، ولا يتمنوا لقاء العدو، فإذا جد الجد، ونزل الأمر بالجهاد جاهدوا وصدقوا الله، لو فعلوا هذا لكان خيراً لهم.

وقد يكون على الوصل بالآية التي تليها، (فأولى لهم طاعة وقول معروف) أي: أولى بهؤلاء من الفرار، ومن تمني لقاء العدو ثم عدم التنفيذ، أولى بهم أن يطيعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يطيعوا ربهم سبحانه، وأن يقولوا القول المعروف.

فإذا جد القتال، وعزم الأمر {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ} [محمد:٢١] أي: في الإيمان، وفي تنفيذ ما يقولونه والإخلاص لله عز وجل، وفي الجهاد في سبيل الله، {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد:٢١].

فيتعلم المؤمن من هذه الآية: أنه لا يكثر من الأماني، ولا يتكلم عن نفسه بالشيء الذي يتباهى به ويفتخر، ويظهر نفسه أنه شيء كبير، فإذا كان وقت الجد إذا به صغير في تنفيذ ما يقول، لا تتمنى الشيء الذي لا تقدر عليه، لا تقل: أنا أفعل كذا، لو كنت أنا مكان هذا لكنت فعلت.

وفعلت، فيقول لك: لا، لو كنت أنت تستحق ذلك لكنا جعلناك مكان هذا الإنسان، لا تتمنى الشيء الذي لا تقدر عليه، ولا تتكلم بما لا تستطيعه، ولكن اسأل ربك أن يوفقك ويعينك على الخير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>