قال تعالى:{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ}[فصلت:٤٧]، قرئت بالجمع، وهذه قراءة نافع وأبو جعفر وابن عامر وحفص عن عاصم، وباقي القراء يقرءونها:{مِنْ ثَمَرة} على الإفراد.
{إِلَيْهِ}[فصلت:٤٧] أي: إلى الله عز وجل، {يُرَدُّ}[فصلت:٤٧] أي: يرجع، {يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}[فصلت:٤٧]، وكأنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا}[النازعات:٤٢ - ٤٤]، فمنتهى علم الساعة عائد إلى الله عز وجل، ولكن نعلمك أنت حتى تعلم الناس بعلامات الساعة؛ ولذلك لما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان ثم أجابه؛ لأن الله علمه ذلك، فلما سأله عن الساعة قال:(ما المسئول عنها بأعلم من السائل) أي: مثلما أنت لا تعلم فأنا كذلك لا أعلم متى الساعة، ولكن أخبرك عن أماراتها، وعن علامات الساعة، فذكر من علامات الساعة:(أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان)، فللساعة علامات صغرى وعلامات كبرى، وما ذكر في الحديث السابق تعد من علامات الساعة الصغرى.
ومن العلامات الكبرى ما بينه لنا صلى الله عليه وسلم: من طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، ومجيء الدجال، ونزول المسيح عيسى ابن مريم، وخروج الدخان، وخسوف ثلاثة: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وغير ذلك من العلامات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم من العلامات والتي تحقق بعضها.
فإذاًَ عند النبي صلى الله عليه وسلم علم بأمارات الساعة، وبالأحداث التي ستحدث قبل الساعة لكن متى يكون وقت الساعة فهذا علمه عند الله سبحانه تبارك وتعالى، وإن كان الله أعلمه أيضاً أنها تكون في يوم جمعة، ولكن أي جمعة من الجمعات؟ أي سنة من السنين؟ أي شهر من الأشهر؟ فالله وحده الذي يعلم بذلك، فإلى الله يرد علم الساعة.
وهناك أشياء -ذكرها الله عز وجل في كتابه- من ادعى علمها فقد أعظم الفرية، كما قالت السيدة عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها وهي قول الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[لقمان:٣٤]، فهذه أشياء لا يعلمها إلا الله سبحانه تبارك وتعالى، فإذا ادعى إنسان أنه يعلم هذه الأشياء فقد أعظم الكذب على الله، وأعظم على الله الفرية.
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}[فصلت:٤٧]، فإذا سئلت عن الساعة فرد علمها إلى الله، قل: لا أعلم، الله أعلم.