[تفسير قوله تعالى:(أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز)]
قال تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ}[السجدة:٢٧]، في الآية السابقة وهذه الآية التذكرة بالموت والحياة، فالموت:{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا}[السجدة:٢٦]، وبعد الموت الدنيا فنيت ويكون البعث، كما أن الله عز وجل يميت الأرض، ثم ينزل الغيث فيحييها سبحانه تبارك وتعالى، فيكون فيه رجوع مرة ثانية للجزاء وللحساب، كما يحيي الله عز وجل أمامكم الأرض الميتة.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ}[السجدة:٢٧]، السوق: الدفع، يسوق الله عز وجل السحاب من مكان إلى مكان، فينزل الماء إلى الأرض الجرز، وأصل الجرز القطع، وكأنها هي التي انقطعت عن الإنبات لسبب من الأسباب، وانقطعت عن الإنبات، وفرق بين الأرض الجرز والأرض السبخة، الأرض السبخة لا تنبت، لا أمل في حياتها، فهي أرض سبخة لا تنبت شيئاً، والأرض الجرز ماتت بسبب نقص الماء، فينزل عليها الماء فيحييها الله عز وجل أمام من ينظر إليها، قال سبحانه:{فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا}[السجدة:٢٧] أي: نخرج من هذه الأرض الميتة {زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ}[السجدة:٢٧] يخرج الزرع وهو قصير صغير فتأتي عليه الأنعام وتأكله، فإذا نبت هذا الزرع وصارت له سنابل وحبوب أكل منه الآدمي، فتأكل الأنعام ويأكل الإنسان.
قوله:{أَفَلا يُبْصِرُونَ}[السجدة:٢٧] أي: أفلا ينظرون فيعتبرون أن الله على كل شيء قدير، الذي أحيا هذه الأرض الميتة أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى إنه على كل شيء قدير.