للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بيان عظم الوفاء بالعهد مع الله سبحانه]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:٢٣ - ٢٥].

يخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآيات كيف أن المؤمنين منهم رجال عاهدوا الله سبحانه وتعالى فوفوا بهذا العهد وعاهدوه أن يجاهدوا في سبيل الله، وألا يبدلوا وألا يغيروا، وأن يثبتوا في قتالهم حتى يتوفاهم الله سبحانه أو يفتح الله سبحانه وتعالى لهم، فمنهم من وفى بهذا العهد مع الله سبحانه، ومنهم من لم يزل على الحياة ينتظر الفرصة للوفاء بهذا العهد مع الله سبحانه وتعالى، {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:٢٣] أي: لم يبدلوا ولم يغيروا ما عاهدوا الله سبحانه وتعالى عليه.

والإنسان الذي يعاهد ربه على الشيء يلزمه الوفاء بما عاهد عليه في طاعته لله سبحانه، وله أجر عظيم، وإن عاهد الله ووفى بعهد فالله يمدحه، فإذا نذر نذراً ووفى بنذره فهذا إنسان وفي، وله أجره عند الله سبحانه، ولكن الذي يغير ويبدل وينسى عهده مع الله سبحانه، أو يتغافل عن ذلك، ففي هذه الآية إشارة إلى ذم مثل هذا الذي يبدل ويغير، وينقلب على عقبيه، فالمؤمنون صادقون مع الله سبحانه وتعالى، عكسهم المنافقون الذين يكذبون، يتكلمون بما لا يفعلونه، يقولون أشياء هم في غاية البعد عن هذا الشيء الذي يقولونه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>