للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[انشغال المسلمين عن الصلاة في غزوة الخندق]

وفي يوم الخندق جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال: حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هوي من الليل حتى كُفينا، وذلك قول الله عز وجل: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:٢٥]، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً فأقام فصلى الظهر فأحسن كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام المغرب فصلاه، ثم أمره فأقام العشاء فصلاها، وذلك قبل أن ينزل {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة:٢٣٩].

ففي آخر ذي القعدة من سنة خمس كان أمر صلاة الخوف لم ينزل، وهو قوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء:١٠٢].

ولما شغل الكفار المسلمين عن أربع صلوات الله وسلامه عليه فلم يصلوها إلا في وقت العشاء، وهي الظهر والعصر والمغرب جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى غربت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا والله ما صليتها، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر).

فعرف الصحابة أن الصلاة الوسطى التي أمر الله عز وجل بالمحافظة عليها هي صلاة العصر، فأمر بلالاً رضي الله عنه فأذن ثم أقام فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر بعد المغرب ثم أقام، فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، وكان وقت العشاء قد دخل فصلى بعد ذلك العشاء صلى الله عليه وسلم، فكأنه صلى بعد المغرب صلوات اليوم كلها ما عدا الفجر، ثم منع من تأخير الصلاة عن وقتها.

فأنزل الله عز وجل أمر صلاة الخوف أو صلاة المسايفة، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة:٢٣٩]، أي: صل على حالك الذي أنت فيه سواء كنت راكباً فوق الخيل أو راجلاً، فإن وجدت ماءً فتوضأ، فإن لم تجد فتيمم ولا تضيع وقت الصلاة وصل بحسب ما تيسر، فصار تأخير الصلاة عن وقتها ممنوعاً إلا ما يكون من الجمع بين الصلاتين النهاريتين: صلاة الظهر والعصر، والصلاتين الليليتين: المغرب والعشاء، فيجوز جمعها عند الانشغال بالقتال، أما إخراج صلاة نهارية عن وقتها حتى يأتي الليل فهذا غير جائز، وكذلك تأخير صلاة ليلية حتى يدخل وقت الفجر، وكذلك تأخير صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، فهذا غير جائز، فكل صلاة يجب أن تصلى في الوقت الذي حده الله عز وجل لها، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:١٠٣].

<<  <  ج:
ص:  >  >>