قال سبحانه:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[الشورى:٥١] هذه ثلاث صور يذكرها الله عز وجل في وحي الله إلى من يشاء من خلقه: الصورة الأولى: الوحي، وكلمة (وحي) فيها معنى الكلام الخفي وليس الظاهر الذي يطلع عليه الخلق، ولكنه وحي في خفاء عن الخلق، يوحي الله عز وجل إلى واحد من خلقه وهو النبي أو الرسول عليهما الصلاة والسلام.
وهذا الوحي إلهام إشارة، وهو الذي يقذفه الله عز وجل في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، والذي ينزل عليه مع روح القدس جبريل عليه السلام، من وحي ومن أخبار، ومن رسالة، ومن شيء مكتوب عند الله سبحانه وتعالى، إذاً: الوحي: ما يلقيه الله إلى نبي من أنبيائه.
فما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، عن طريق الوحي، أي: يقذف في قلبه، وفي روعه، وفي نفسه، فيقذف ما يريده من حق سبحانه وتعالى.
أو يريه رؤيا منامية، فيكون فيها معنى هذا الوحي.
إذاً: الوحي: ما يلقيه الله في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما يراه في رؤيا منامية، أو إلهام من الله عز وجل لنبي من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
الصورة الثانية:(مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) كما كلم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من وراء حجاب.
ومستحيل أن يرى الله عز وجل في الدنيا، فلا يراه أحد في الدنيا، فموسى لم ير ربه سبحانه، ولما أراد أن يراه، قال:{لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف:١٤٣] أي: أنا أول المؤمنين أنك لا ترى في هذه الدنيا.
إذاً: الصورة الثانية: أن يكلم الله عز وجل عبداً من عباده، كما كلم موسى على الأرض، وكما كلم محمداً صلى الله عليه وسلم في السماء، فالله عز وجل كلمهم من وراء حجاب.
الصورة الثالثة:(أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا) سبحانه وتعالى، وفيها قراءتان: قراءة نافع وابن ذكوان: ((أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا)).
والقراءة الأخرى قراءة الجمهور:{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[الشورى:٥١].