قال تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه:{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[الشورى:١٥].
قوله:(فلذلك فادع) أي: فلذلك الدين القيم، ولهذه الشريعة ادع الخلق إلى دين ربك وادع إلى كتابه.
قال تعالى:(وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ)، أي: استقم على دين الله سبحانه وعلى شرعه بتوحيدك لله سبحانه، ونفذ أوامره واجتنب نواهيه.
وقد أمره في سورة هود بالاستقامة على دينه سبحانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(شيبتني هود وأخواتها)، فسورة هود فيها ذكر القيامة وفيها ذكر الأشقياء والسعداء، قال تعالى:{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود:١٠٥ - ١٠٨]، فشاب النبي صلى الله عليه وسلم مما أمره الله عز وجل في سورة هود، ومما أخبره بما سيكون في يوم القيامة من بعث العبيد وما يكون منهم من شقي وسعيد ومن حساب شديد.
وأخوات سورة هود هن السور التي مثلها في ذكر يوم القيامة والجزاء والجنة والنار، قال الله سبحانه وتعالى:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[هود:١١٢] فهو سبحانه وتعالى بصير وخبير بكم سبحانه وتعالى، ففي سورة هود أمر بالاستقامة كما في هذه الآية.
وهنا أمره سبحانه وتعالى بالاستقامة فقال:(وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)، فأمره أن يستقيم على هذا الدين، وهو مستقيم على دين الله عز وجل، وهذا من باب: إياكِ أعني واسمعي يا جارة، فيؤمر بالاستقامة وهو عليها عليه الصلاة والسلام، فالمؤمنون أولى بأن يستقيموا على دين الله سبحانه، ولا يتفرقوا فيه، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}[آل عمران:١٠٣]، ولا تزيغوا عن دين الله سبحانه.