قال تعالى:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}[الفرقان:٥٧]، ينفي النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب أجرة على تبليغ هذه الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، فهو مبلغ لرسالة ربه سبحانه، ورزقه على ربه سبحانه وتعالى، وقوله:((مِنْ أَجْرٍ))، نفي أن يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من الأجر مهما كان يسيراً، ((إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا))، وهذا استثناء منقطع، أي: غير متعلق بما قبله، فالمعنى: ما أسألكم عليه من أجر، ولكن الذي أطلبه منكم أن تطيعوا الله سبحانه وتعالى، وأن تتخذوا إليه السبيل باتباع هذا الدين.
وقوله في الآية الأخرى:{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:٢٣]، استثناء منقطع أيضاً، والمعنى: لا أطلب شيئاً من أموالكم ولكن الذي أطلبه منكم أن تراعوا قرابتي، فأنتم الأقربون، فبدلاً من أن تعينونني على هذه الدعوة تعادونني؟! فغاية ما أطلب منكم أن تراعوا ما بيني وبينكم من المودة فتتركونني أبلغ رسالة ربي سبحانه ولا أطلب أموالكم، وقد عرضوا عليه صلوات الله وسلامه عليه أن يعطوه من الأموال ما يشاء، أو يملكوه عليهم، أو يزوجوه خير نسائهم، فأبى إلا أن يراعوا قرابته وأن يطيعوا الله سبحانه وتعالى، فإن لم يفعلوا فليكفوا شرهم عنه حتى يبلغ دين ربه، وبلغ صلوات الله وسلامه عليه دين الله سبحانه حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً.