وقال مجاهد: كان النساء يتمشين بين الرجال، فذلك التبرج.
فالتبرج الذي يذكره مجاهد هو أن تمشي المرأة في وسط الرجال.
قال ابن عطية: والذي يظهر عندي أنه أراد الجاهلية التي لحقنها، يعني: كأنه يقول: الجاهلية الأولى التي لحقها الصحابيات؛ لأن التي عاشت منهن قبل الإسلام فترة وعاشت في الإسلام أدركنت ما كان يحدث فنبههن الله عز وجل بألا تعدن إلى مثل هذه الجاهلية التي رأيتنها قبل ذلك.
قال: فأمرهن بالانتقال عن سيرتهن وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفر وعدم الغيرة على المحارم؛ لأن أهل الجاهلية كان عندهم الزنا شيئاً عادياً، فكان الإنسان يذهب ويزني سراً أو علناً، وإن كان الذي يزني علناً يقبح نوعاً ما، فلم يكونوا ينكرون على أحد ولا حول ولا قوة إلا بالله، فجاء الإسلام ينهى عن الجميع، ظاهر الإثم وباطنه.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله عن الجاهلية الأولى: المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار للمحاسن للرجال إلى غير ذلك مما لا يجوز شرعاً، فالمرأة إذا أبدت شيئاً من زينتها وتجملت للرجال في الطريق فهذه هي الجاهلية الأولى، وهذا لا يجوز شرعاً، فأمرهن بلزوم البيوت.