[تأجيل الله تعالى القضاء بين العباد إلى يوم القيامة]
وقال تعال:(وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ)، أي: لولا وعد الله أنه ينظر عباده ويمهلهم إلى يوم يبعثون، فإبليس قال لله عز وجل:{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}[الحجر:٣٦ - ٣٨] فأنظر إبليس إلى يوم القيامة، وكذلك وعد الله له ولأتباعه أنه يؤخرهم سبحانه وتعالى إلى يوم يبعثون ولا يعاجلهم بالعقوبة في الدنيا، ولولا وعد الله لاستحقوا العقوبة حالاً على ما يقولون وما يعلمون.
قال تعالى:(إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)، الأجل المسمى هو يوم الحساب وهو يوم القيامة، يوم الجمع ويوم النشور ويوم الجزاء، وأجلهم في ذلك وعد من الله، ووعد الله حق، ولولا هذا الوعد لقضى الله عز وجل بين عباده.
قال تعالى:(وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)، أي: تفرق الذين من قبلنا بسبب البغي فيما بينهم، وورثوا الكتاب للذين من بعدهم، فأخذوا بالتوراة وبالإنجيل وهم في شك في قلوبهم من هذا القرآن ومن النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن الله بين لهم، فوقعوا في الشك في النبي صلوات الله وسلامه عليه وفي هذا القرآن ببعدهم عن الحق الذي كان عندهم في التوراة وفي الإنجيل، فقد حرفوا وأزالوا الحق عن مواضعه فصاروا في عمى لا يهتدون طريقاً، ووصفهم الله بأنهم ضالون ومغضوب عليهم، ولذلك يدعو المؤمن:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:٦ - ٧]، و (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): اليهود.
و (الضَّالِّينَ): النصارى.
وهم الذين تفرقوا في دينهم من بعد ما جاءتهم البينات ومن بعد ما جاءهم العلم، فصاروا في شك مريب، أي: موقع للريبة في القلوب.