للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لله عز وجل]

إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ذكر لله عز وجل، فإذا قلت: اللهم يا رب صل على نبيك صلى الله عليه وسلم! سألت الله فذكرته، ودعوت لنبيك صلى الله عليه وسلم بأن يصلي عليه ربه سبحانه، فكان ذكراً لله، وعندما تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم تحصل على الأجر العظيم، وكذلك عندما تسبح الله وتحمده وتهلله وتكبره يكون لك الأجر العظيم، وكلما عرفت الثواب في ذكر الله سبحانه ازددت حرصاً على ألا تفرط وألا تضيع ذلك، وألا تتلهى عنه بشيء كائناً ما كان.

وإن من ذكر الله عقب الصلاة أنك إذا قرأت آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعك من دخول الجنة إلا أن تموت، فإذا مت على ذلك، فهو فضل عظيم من الله سبحانه وتعالى لك.

وإن كنت تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحي ويميت وهو على كل شيء قدير مائة مرة، يكتب الله لك مائة حسنة، ويمح عنك مائة سيئة، ويكن لك عدل عشر رقاب، أي: كأنك أعتقت عشرة من العبيد، ويكن لك حرزاً من الشيطان يومك حتى تمسي.

وإذا كنت ذاهباً إلى السوق، فقلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وكل ذلك في نصف دقيقة، فإن لك أجر مليون حسنة، أي: ألف ألف حسنة عند الله سبحانه وتعالى في هذا الذكر.

فلو كان على لسانك ذكر الله حين تذهب إلى السوق وحين ترجع منه، حين تمر على الناس، وحين تسلم على المسلمين، وحين توقظهم من غفلتهم لكان لك الأجر العظيم من الله سبحانه، فلا تتكبر على الخلق، إذا مررت على الناس فسلم عليهم، وقل: السلام عليكم ورحمة الله، سواء ردوا عليك أو لم يردوا عليك، فقد تمر على أناس لا يردون السلام، فلا تمتنع من إلقاء السلام، بل ذكرهم، وأيقظهم من غفلتهم، فإذا ردوا عليك كان الأجر لك ولهم، وإذا لم يردوا عليك السلام فالملائكة ترد عليك، وفضل الله عظيم، وكرمه واسع سبحانه وتعالى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب:٤١].

{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:٤٢] البكور: أول النهار، والعشي: آخر النهار، والآصال: قبل دخول الليل وعند دخول الليل، والمعنى: أنك دائماً تذكر الله في أول النهار، وفي آخر النهار، وبين الاثنين، أي: اذكروا الله دائما، {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب:٤١]، وسبحوه سبحانه، أي: قولوا: سبحان الله، نزهوه عن كل عيب وعن كل نقص، سبحانه وتعالى.

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} [الأحزاب:٤٣]؛ لأنه هو سبحانه المستحق لذلك، فاذكروه يذكركم سبحانه وتعالى، واشكروه يزدكم من فضله، ولا تنسوا أنه هو الذي يثيبكم وهو الذي يرحمكم سبحانه، وهو الذي يثني عليكم عند ملائكته، وهو الذي يصلي عليكم، وكذلك ملائكته سبحانه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>