[تفسير قوله تعالى:(ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون)]
قال تعالى:{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[المؤمنون:٧٥] أي: بعد أن مات المعرضون عن طريق رب العالمين وأدخلهم الله رب العالمين نار جهنم والعياذ بالله، يتضرعون لله أن يعودوا إلى الدنيا، ولأن الله يعلم أنهم حتى ولو عادوا فلن يؤمنوا فقد قال سبحانه:{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[المؤمنون:٧٥] والمعنى: أن الله عز وجل علم من هؤلاء أنهم لا يؤمنون، وأنهم ينتفعون بدعوة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام حين يدعوهم إلى رب العالمين، فلو أنهم بعد الممات ردوا إلى الدنيا مرة أخرى فسيرجعون إلى ما كانوا عليه من قبل، فقد علم الله عز وجل ما هم عاملون، قال سبحانه:{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[المؤمنون:٧٥]، واللج: التمادي، ومعنى قوله:(للجوا في طغيانهم) أي: لتمادوا في طغيانهم، والطغيان: مجاوزة الحد، فمعنى: طغى الإنسان أي: جاوز حده، وعليه فسيكون معنى الآية:(للجوا في طغيانهم) أي: علو واستكبروا وتمادوا في ضلالهم، وقوله:{يَعْمَهُونَ}[المؤمنون:٧٥] أي: يتذبذبون ويتخبطون، ومنه العمى -عمى البصر- فإن الأعمى حين يمشي فإنه لا يعرف طريقه إلا أن يقوده إنسان، والعمه أشد من ذلك؛ لأنه يشمل عمى قلب الإنسان، ولذا فإن المصابين بالعمه متذبذبون متحيرون، فقد أعميت قلوبهم فهم لا يفقهون شيئاً ولا يعرفون طريقاً ولا يهتدون إلى سبيل.