للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب)]

أمر الله عباده بالإنابة إليه فقال: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} أي: ارجعوا إلى الله سبحانه، ((وَأَسْلِمُوا لَهُ)) أي: سلموا أنفسكم له واستسلموا وأذعنوا واخضعوا له وأطيعوه سبحانه، ثم حذر مفاجأة العذاب فقال: ((مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)) والعذاب حين يأتي فمن الذي يجير العباد إذا أراد الله بهم انتقامه وبأسه وعقوبته سبحانه؟ فلا ينصرهم أحد إذا أراد الله عذابهم، ولا يشفع فيهم أحد إذا أبى الله سبحانه قبول هذه الشفاعة.

ثم يوجههم باتباع شرعه ودينه فيقول: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر:٥٤] لقد أنزل الله سبحانه الأحكام الشرعية من السماء، فأنزل القرآن وأنزل من قبله التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم، فكان هذا القرآن العظيم أحسن ما نزل من عند الله سبحانه تبارك وتعالى، ولما أمر بالاتباع حذر من المخالفة فقال سبحانه: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً} [الزمر:٥٤] أي: فجأة بغير مقدمات، فإذا أتى على العبد فلا يستطيع حينها أن يتوب إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، فعادة ما ينزل العذاب بغتة فيأخذ الله عز وجل العصاة فيهلكهم، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، وقال سبحانه في سورة هود: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].

<<  <  ج:
ص:  >  >>