للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم)]

قال الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [الحج:١] النداء للخلق جميعهم بأن يتقوا الله سبحانه تبارك وتعالى، بأن يجعلوا وقاية دون غضب الله، ووقاية دون عذاب الله، فالوقاية بالعمل الصالح، اتق الله أي: اعمل عملاً صالحاً، تقي به نفسك من غضب الله ومن عذابه سبحانه تبارك وتعالى.

روى الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزلت عليه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:١] فقال: (أتدرون أي يوم ذلك؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم: ذاك يوم يقول الله لآدم: ابعث بعث النار.

قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فأنشأ المسلمون يبكون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا).

وفي رواية أخرى: (فيئس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة) يعني: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سمعوا أن من كل ألف يدخل النار تسعمائة وتسعة وتسعون وواحد يدخل الجنة، يئسوا من هذا الواحد الذي سيدخل الجنة؟ فما أبدوا بضاحكة، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: (اعملوا وأبشروا، فوالذي نفسي بيده! إنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج) يعني: يوم القيامة هاتان القبيلتان عددهما سيكون عظيماً جداً جداً؛ فإذا كانوا مع قوم كثروه يعني: من كثرة عددهم، قال: (ومن مات كافراً من بني آدم وبني إبليس، فسري عن القوم بعض الذي يجدون، فقال: اعملوا وأبشروا، فوالذي نفس محمد بيده! ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة) الحديث رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وله روايتان، وهذه الرواية الثانية الذي ذكرناها صححها الشيخ الألباني رحمة الله عليه.

وقوله هنا: (ما أنتم في الناس إلا كالشامة) أي: العلامة (في جنب البعير) المعنى: مثل الشامة التي تكون في جنب البعير أو الرقمة التي تكون في ساعد الحمار إذا قيست لباقي الجسم، فأنتم بالنسبة للخلق جميعهم بهذه النسبة، فهذا مما يسر المؤمنين، ويجعلهم يطمئنون.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك) وهذا يوم القيامة، ثم يقول: (أخرج بعث النار؟ قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين)، يعني: أخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال: (فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) ففي يوم القيامة عندما يسمع الناس أن من كل ألف واحد يدخل الجنة: يشيب الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.

قال: (فاشتد ذلك عليهم، وقالوا: يا رسول الله! أينا ذلك الرجل؟ فقال: أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفاً ومنكم رجل).

<<  <  ج:
ص:  >  >>