قال سبحانه:{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}[الأنبياء:٩٧].
يعني: خروج العلامات الكبرى للقيامة كـ المسيح الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وغير ذلك من العلامات العشر الكبرى للساعة، وعندها تقترب الساعة ويحين وقتها.
(فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وشخص البصر بمعنى: حملق إلى الشيء، أي: نظر إليه من غير أن تطرف عيناه.
وهذا فيه بيان مدى الرعب الذي يكون فيه الإنسان، فإنه يفتح عينيه ولا يغلقهما ولا تطرفان ولا ترمشان، وإنما هما شاخصتان، وحالهم أنهم قائلون:{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا}[الأنبياء:٩٧]، أي: كنا في غفلة عن يوم القيامة وعن التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فقد رأوا ما كانوا قبل ذلك ينكرونه ويتغافلون عنه.
قال تعالى:(فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: من يوم القيامة، ويقولون:(يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).
فيكون الجواب لهم:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:٩٨] فعندما تقوم الساعة ويخرجون من قبورهم للجمع للموقف العظيم بين يدي رب العالمين يقفون {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}[إبراهيم:٤٣]، أي: قائمين بين يدي الله تبارك وتعالى.
وهو هنا يذكر حالهم ويبين مدى الذل الذي هم فيه، فيقول:(مُهْطِعِينَ)، أي: مسرعين إلى الموقف العظيم، فالكل يتجه إلى مكان واحد ولا يتيه أحد منهم عنه، قال تعالى:(مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) وقنع برأسه أي: وضع الرأس ورفع بصره إلى مكانه، فالرأس موضوع من الذل، والبصر ينظر إلى مكان شاخص في هذا المكان من الهول ولا يقدر على أن يطبق بصره.