قال تعالى:{فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً}[الأحقاف:٢٨] و (لولا) بمعنى: هلا، وهي للتحضيض والحث، أي: هل نصرتهم هذه الآلهة لما جاءهم عذاب رب العالمين! فأين الآلهة التي كانوا يدعونها دون الله؟! ((فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً)) أي: اتخذوهم آلهة يعبدونهم متقربين بذلك إلى الله، فقالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر:٣]، وكذلك المشركون يدلسون ويفترون على الله الكذب، فحينما كانوا يعبدون الأصنام يتأولون لأنفسهم فيقولون: نحن نعبد هذه الأصنام من أجل أن تقربنا إلى الله سبحانه وتعالى، فيكذبون ويفترون، والله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له سبحانه، موافقاً لما يريده سبحانه.
{فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ}[الأحقاف:٢٨]، فالآلهة ضلت عن أقوامهم، والأقوام ضلوا عن آلهتهم، ((بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ)) ففي وقت الشدة والضيق، ونزول العذاب ما نفعتهم هذه الآلهة التي يدعونها من دون الله، فلم تكشف عنهم العذاب وقت مجيئه، ولم يقولوا: يا آلهتنا! وإنما قالوا: يا الله! فلم ينفعهم ذلك، قال:{بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ}، وضل بمعنى: تاه وبعد، والإفك: الكذب، وكأنه يقول: هذا إفكهم إن افتروا واتخذوا آلهة من دون الله، فكانت النتيجة عقوبة الله سبحانه، {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[الأحقاف:٢٨]، فزعموا أن الآلهة تنفع وتضر مع الله، فلم تنفعهم شيئاً، {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون}[هود:٨].
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.