قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:٢٣] أي: هؤلاء الذين يقذفون المحصنات، وهنّ العفيفات من النساء، وكلمة:(المحصنات) في كل القرآن فيها قراءتان: قراءة الجمهور: (المحصنات)، وقراءة الكسائي:(المحصِنات)، ما عدا التي في سورة النساء في آية التحريم:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}[النساء:٢٣] إلى قوله سبحانه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء:٢٤]، فقد اتفق الجميع على أنها هنا بالفتح.
والمحصنات هن المتزوجات، لكن كلمة:(المحصنات) في غير هذا الموضع تقرأ بقراءتين: قراءة الجمهور: (المحصنات)، على أنها اسم مفعول، يعني: أن غيرها أحصنها، وقراءة الكسائي:(المحصِنات)، على أنها اسم فاعل، يعني: أنها أحصنت فرجها ونفسها، فهي محصنة، وهي محصَنة يعني: أحصنها زوجها لما تزوجها، فجعلها عفيفة؛ لأنه كفها عن غيره.
كذلك: أحصنها وليها، أو أحصنها الله سبحانه وتعالى، أي: فطرها عفيفة، وجعل العفة من طبيعتها، فهي محصَنة وهي محصِنة، أي: عفيفة مانعة فرجها عن غير ما أباح الله سبحانه وتعالى لها.
قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ}[النور:٢٣] أي: يقذفون، {الْمُحْصَنَاتِ}[النور:٢٣] أي: العفيفات، {الْغَافِلاتِ}[النور:٢٣]، وهذا مدح للمرأة المؤمنة، فليس فيها لؤم أو خبث أو نوع من التطفل، بحيث إنها تريد أن تعرف كل شيء، فهذا مدح للمرأة المؤمنة المبتعدة عن الناس، التي لا تستمع إلى الوشايات وإلى أقوال الزور وإلى الكلام غير الطيب، فهي غافلة عن أحوال الناس، وعما يراد بها، فتجدها دائماً في سترها وبيتها، فقد أعفها الله سبحانه وتعالى عن الحرام، فهي في غفلة عن أمر الدنيا، مقبلة على ربها سبحانه وتعالى، فهذا مدح للمرأة المؤمنة.