لقد طلب موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون أن يترك بني إسرائيل ليخرجوا معه، ويذهب بهم إلى ديار الشام، فأبى فرعون، فابتلاه الله وقومه بالسنين ونقص من الثمرات؛ لعلهم يذكرون، قال تعالى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ}[الأعراف:١٣٣]، فابتلاهم الله بآية وراء آية، فكانوا يجأرون إلى موسى ويطلبون منه أن يدعو ربه، ويقولون له: لئن كشفت عنا الرجز -أي: العذاب- إننا لمؤمنون، وإننا لمهتدون، فيدعو لهم موسى فلا يستجيبون، حتى أتتهم تسع آيات معجزات على يد موسى عليه الصلاة والسلام فلم يستجيبوا له، وفي النهاية قال موسى:((أدوا إلي عباد الله)) وكفاكم هذه الابتلاءات التي ابتليتم بها، فأداهم إليه فرعون من البلاء الذي يأتيهم، فقال له فرعون: خذ بني إسرائيل واخرج، ثم ندم فرعون على ذلك؛ لأنه لا يوجد من يخدم القوم، فغدر فيما وعد به، وأخلف ما وعد به موسى، فقال له موسى عليه الصلاة والسلام:((أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)) أي: أد إلي بني إسرائيل فإنهم كانوا وديعة عندك، فهات هذه الوديعة وأرجعها إلي، فأنا أمين عليهم، ومن أحق بهذه الصفة من موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.