الله عز وجل يقول:{فَلا تَهِنُوا}[محمد:٣٥] لماذا تضعف نفسك؟! نحن نقول لكم:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال:٦٠]، كونوا أقوياء، و (ما) من ألفاظ العموم، يعني: كل شيء تستطيعونه من أسباب القوة أعدوه؛ لأن الكافر لن يسكت عليك، أنت تقرأ في كتاب الله:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}[المائدة:٧٣] فتوجعه بهذا الكلمة، لكن طالما المؤمن قوي لا يتكلم، طالما المؤمن ضعيف، يرفع الكافر صوته على المؤمنين: أنتم تقولون كذا، أنتم تعملون كذا، الكلام الذي لم تكن تسمعه أبداً مباشرة تسمعه عندما ضعف المسلمون، وتقوى الكفار بعضهم ببعض، يقول الله:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[الأنفال:٧٣].
ويقول:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة:٧١] أين الولاية؟ {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة:٧١] الولاية التي بين المؤمنين هي: الولاء والبراء، المؤمن يحب المؤمن وينصره ويدافع عنه، والكافر كذلك مع الكافر، وإن لم تكن هناك محبة قلبية منهم، والذي يجمعهم هو الدنيا فقط، والله عز وجل يقول:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}[الحشر:١٤] يجتمعون عليه صلى الله عليه وسلم.
{كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ}[التوبة:٨] يقول لك كلاماً طيباً جميلاً بلسانه فقط، أما ما في القلوب فهم يبغضون الإسلام والمسلمين، ويفعلون ما يقدرون عليه؛ حتى يوهنوا المسلمين فلا يقدرون أن يدعوا إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.
فهم يحاولون أن يبثوا الفرقة والخلاف بين المسلمين، ويسارعون للإفساد والدخل بين المؤمنين، فإذا أنت حرصت على نفسك فهذا مستحيل أن يكون.
{فَلا تَهِنُوا}[محمد:٣٥] هذا أمر الله عز وجل للمؤمن: لا تعجز لا تهنوا لا يكن في قلوبكم الوهن والضعف.
{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ}[محمد:٣٥] أنت الأعلى عند الله عز وجل، أنت المؤمن، أنت الذي يعد الله عز وجل لك الجنة لماذا تكون ضعيفاً في هذه الدنيا؟! لماذا أنت تضحك على نفسك وتخدعها وتقول: أنا لا أقدر على هؤلاء؟ لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لوحده، فلو أن الإنسان بعقله البشري فكر فإن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان لوحده أمام هذا الجمع من الكفار، ويقدر عليهم بقدرة الله، لم لا تعتبرون بذلك من أن الله كان مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ رسالة الله سبحانه؟! وكم أوذي في الله سبحانه تبارك وتعالى وصلوات الله وسلامه عليه فصبر حتى بلغ رسالة الله عز وجل! كم جاهد المؤمنون ودافعوا عن دين الله حتى وصل الدين إلى مشارق الأرض ومغاربها، فيقول لنا ربنا: لا تهنوا، لا تعجزوا، لا تضعفوا.
{وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ}[محمد:٣٥] هذه فيها قراءتان: قراءة الجمهور بالفتح (وتدعوا إلى السَّلمِ) وقراءة شعبة عن عاصم وحمزة وخلف (وتدعوا إلى السِّلمِ) أي: المسالمة، وهما بمعنى واحد السلم هو الاستسلام، لا تدعوا إلى ذلك وأنتم ضعفاء، ولكن كونوا أقوياء حتى لا تتحكم فيكم الدنيا وأصحاب الكفر.