قوله:((ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) ذلك الفضل الكبير جنات الخلود وروضات الجنات هو الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات، المؤمنين الأتقياء، ولاحظ أنه يكرر (آمنوا وعملوا الصالحات)، فالإنسان الذي يقول: آمنت بلسانه ولا يعمل شيئاً لا ينتظر هذا الجزاء، وإنما يحاسبه الله سبحانه ويقول له: أين العمل الذي أمرناك أن تعمله؟ أين صلاتك؟ أين صيامك؟ أين أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر؟ هذا كله من خصال الإيمان.
فالإنسان إذا قال: لا إله إلا الله دخل الإسلام، ولكن لا يكفي، بل لابد أن يعمل؛ لأن الذين آمنوا صدقوا وعرفوا أن الله ربهم، فقالوا: لا إله إلا الله وعملوا الصالحات.
قال الله سبحانه:((قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا)) أي: يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل للناس للكافرين وللمسلمين: لا أسألكم عليه أجراً، أي: لا أطلب أجراً من أحد لا من أهل الإسلام ولا من الكفار على تبليغ رسالة الله سبحانه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ينصحهم أن يصلوا أرحامهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقطعونها، وأن يصلوا أرحامهم بعضهم مع بعض ولا يقطعونها، فهو يقول: لا أسألكم عليه أجراً، ولكن أطلب منكم المودة في القربى، أن تودوا ما بيني وبينكم من قرابة، هذا يقوله الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ويقول للناس: أن راعوا ما بينكم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من مودة ومن صلة رحم فلا تقطعوها.
وهذه السورة سورة مكية ما عدا أربع آيات فيها مدنية، وهذه الأربع آيات هي هذه الآية التي معنا:{قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى:٢٣] وما يليها.