[تفسير قوله تعالى:(ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي)]
قال تعالى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}[فصلت:٥٠]، أي: إن كشفنا عنه هذا المرض وهذا البلاء، وأعطيناه صحة وعافية، وأعطيناه مالاً وولداً، وأذقناه شيئاً من رحمتنا من بعد هذا الضر الذي أصابه، فالمفروض أنه لا ينسى، بل يتذكر أنه كان مريضاً، فيرحم المرضى ويساعدهم، ويتذكر أنه كان فقيراً، فينظر إلى الفقراء ويواسهم، لا أن يتكبر على الله سبحانه تبارك وتعالى، ويقول: هذا بفضلي وبجدي، وكنت مستحقاً له، وكان واجباً على الله أن يعطيني، وأنه قد منعني بالأمس ثم أعطاني اليوم ما أستحقه! فهذا من غباء من يقول ذلك ويتوهمه، وهذا قول من نسي الآخرة ونسي ربه، وقول من نسي كيف كان يجأر إلى الله عز وجل بالدعاء، فلما كشف عنه البلاء إذا به يقول في الرخاء: هذا لي، وأنا أستحقه.
قال تعالى:{لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} أي: أنه يتبجح الآن وينكر يوم القيامة، ويقول: ولا أظن بأنني سأرجع إلى الله، يقول: وإن فرضت بأنني سوف أرجع إلى الله فإن لي عنده الحسنى، قال تعالى عن قوله هذا:((وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى)) أي: أنه سيعطيني كذلك يوم القيامة! (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي) هذه قراءة الجمهور، وقراءة قالون وأبي عمرو وأبي جعفر:(وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّيَ إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى).
(فَلَنُنَبِّئَنَّ) هذا قسم، والمقسم به محذوف، والمعنى: والله لننبئنه، والذي دل على هذا القسم لام التوكيد في أول الفعل المضارع، والنون المثقلة في آخره.
(فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا) أي: فلنجازيهم، ولنكبتنهم ولنوبخنهم على ما قالوا وما عملوا.
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}، أي: شديد لا يطيقونه يوم القيامة.