أي: هلا ساروا في الأرض فنظروا كيف فعلنا بالذين من قبلهم، وهم يعرفون ذلك تماماً فهم يمرون بحجر ثمود في ذهابهم إلى الشام ويقولون هنا حجر ثمود، هنا أهلك الله عز وجل ثمود قوم صالح، ويمرون ذاهبين إلى اليمن بديار عاد فيقولون: هنا كان عاد في هذا المكان ويقولون: هنا الفراعنة أهلكهم الله وأغرقهم هذه آثارهم، فهم يعرفون ما الذي صنع الله عز وجل بهم {وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً}[فاطر:٤٤].
وأجسام العباد تقل حتى تصير إلى ما نحن عليه، وكانوا قبل ذلك أعظم أجساداً، وأقوى أبداناً، أعطاهم الله سبحانه وتعالى من القوة ما شاء، وقال عن هؤلاء {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ}[سبأ:٤٥]، أي: ما بلغتم عشر الذي أتيناه أولئك من قوة وصحة ومن عدد ومال في جيوشهم وفي أنفسهم.
قال سبحانه:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}[فاطر:٤٤]، أي: لا شيء يعجز الله، تقول أمسكت فلاناً، أو أردت أن أمسك فلاناً فأعجزني فلم أقدر عليه، لكن لا شيء يفلت من الله سبحانه، ولا شيء يهرب من عقوبته، ولا شيء يعجزه سبحانه، لا في السماوات ولا في الأرض، فهو العليم بكل شيء، وهو القدير على كل شيء سبحانه، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ}[النحل:٦١]، وهذه تكررت في القرآن كثيراً.