وكان سبب هذه الغزوة اليهود، وأي مصيبة على المسلمين فمن ورائها اليهود لعنة الله عليهم، فسببها أن البعض من اليهود منهم كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وسلام بن أبي الحقيق، وسلام مشكم وحيي بن أخطب وهؤلاء من بني النضير، وهوذة بن قيس وأبو عمار من بني وائل، وهم كلهم من اليهود الذي حزبوا الأحزاب.
وفي كل غزوة من مغازي النبي صلى الله عليه وسلم يعمل اليهود فيها عاملاً من العوامل فيكونوا سبباً في قتال المسلمين لهم، وكان من اليهود بالمدينة ثلاثة طوائف: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، فبنو قينقاع أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم وطردهم؛ لأنهم بعد غزوة بدر يقولون للمؤمنين: وما الذي فعلتم بغزوة بدر؟ لم تقاتلوا إلا رجالاً لا خبرة لهم بالقتال، لكن لو قاتلتمونا نحن لعلمتم من الرجال، وما زالوا يتقولون على المسلمين حتى أحدثوا حدثاً فطردهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة.
وجاءت غزوة أحد في سنة ثلاث من الهجرة، وبعد ما انتهت غزوة أحد إذا ببني النضير تحدث حدثاً، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يجليهم ويطردهم من المدينة.
فهؤلاء من بني النضير ما زالوا موتورين حين طردهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فألبوا قريشاً على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإذا بقريش تستجيب لذلك ووعدتهم يهود بني النضير أنهم يعينونهم في المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم فوجد أهل مكة الفرصة في استئصال المسلمين فأجابوهم إلى ذلك.
وخرجت اليهود من مكة إلى غطفان ودعوهم أيضاً لقتال النبي صلى الله عليه وسلم فوعدوهم بقتال النبي صلى الله عليه وسلم بجانبهم وبجانب قريش.
وخرجت قريش يقودها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن الفزاري، والحارث بن عوف المري من بني مرة، وغيرهم وأحاطوا بالمدينة، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم باجتماعهم شاور أصحابه صلوات الله وسلامه عليه.
العدد عدد ضخم جداً، وجيش المدينة ثلاثة آلاف رجل، أما الكفار فبلغ عددهم عشرة آلاف وزيادة، فكل واحد من المؤمنين يواجه ثلاثة من الكفار، فالعدد غير متكافئ.