[الحكمة من قراءة سورتي السجدة والإنسان يوم الجمعة]
إذا كانت القيامة ستكون في يوم الجمعة، ونحن لا ندري متى تكون، إلا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم عن علاماتها التي تكون قبلها, فمن المناسب جداً أن تقرأ هذه السورة في كل يوم جمعة؛ ليتذكر الإنسان يوم القيامة, وما يكون فيه من حساب وعذاب، وما يكون فيه من جنة ونار؛ فلذلك كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة وسورة الإنسان في يوم الجمعة.
فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في يوم الجمعة في صلاة الفجر ((الم * تَنزِيلُ)) -هذه السورة- السجدة، و ((هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ)) الإنسان).
وقراءة هاتين السورتين مقصودة، فأما السجدة فقد ذكر فيها خلق آدم وكيف بدأ الله عز وجل خلقه من طين، {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة:٨ - ٩]، ثم ذكر كيف يكون مصير هذا العبد عند ربه يوم القيامة، وكيف يجازيه ويحاسبه على ما ذكر في هذه السورة.
وهذا واضح في سورة الإنسان من أول السورة، قال تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان:١]-أي: هذا الإنسان الذي يستكبر ويتعالى على ربه سبحانه تبارك وتعالى هلا تذكر أنه أتى عليه يوم من الدهر لم يكن شيئاً ولم يكن حتى تراباً؟! فقد كان عدماً ثم أوجد الله عز وجل هذا التراب، وخلق منه الإنسان.
فهلا تذكر الإنسان ذلك فانتفع بهذه التذكرة؟ ثم ذكر الله عز وجل في سورة الإنسان أمر الكافرين، وكيف يفعل الله عز وجل بهم، فقد أعد لهم سلاسل وأغلالاً وسعيراً.
وذكر كيف يفعل بالمؤمنين، وأنه يدخلهم جنات، {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ} [الإنسان:١٥].
{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الإنسان:١٩].
إلى آخر ما ذكره الله سبحانه في هذه السورة.
فهاتان السورتان مناسبتان ليوم الجمعة، فيقرؤهما المصلي في صلاة الفجر أو يسمعهما، لما فيهما من التذكير بأن يوم الجمعة وإن كان عيداً للمسلمين الآن إلا أن الساعة ستقوم فيه، ومن التذكير بأن بدء خلقه كان في هذا اليوم، وأن إنزالهم من الجنة إلى الأرض كان في هذا اليوم، فيتذكر يوم الجمعة وما يكون فيه.